روايات وقصص، استمتع بأفضل روايات الرومانسية وروايات الرعب وروايات التاريخ في موقع واحد.

روايات وقصص، استمتع بأفضل روايات الرومانسية والرعب والتاريخ والخيال العلمي والبوليسية في موقع واحد،

عشرات القصص المثيرة والحكايات في انتظارك.

2024/11/29

نفسيتي تتحسن حين أروي قصة

   الفصل العشرون : نفسيتي تتحسن حين أروي قصة



ملأها (صالحة) الخزي والعار حتى فاضت نفسها بأسى الخذلان، ولكنها لم تجد محيصاً عن مطاوعة اقتراح أبيها فتسترت في خمارها الغليظ، وتحرك الاثنان على أكف العجلة إلى محيط مجلس الشيخ بالمقهى، ولكن صالحة قالت لأبيها هناك، وفي موقع أمكنها أن ترى فيه الشيخ وصحبته دون أن يراها هو أو أحد من تلامذته :

- فلتطلب منه مرادي، فإن تأبى الرجل نصرتنا أشرت إليَّ، وحينئذٍ أعينك على ما به من إعراض..

وذكر لها هزاع شيئاً عن نفسه التي لا تطاوعه على طلب المزيد من الشيخ الذي أنعم عليه بالكثير، ثم استهانته بحياة رؤوف الذي لم يجد في زواجها منه ما يستحق الإبقاء عليه أو الدفاع عنه حقاً، ولكن المرأة - وبعد أن مر في خاطرها طيف زوجها رؤوف وابنتها الصغيرة عائشة - ألحت عليه بأن يُستأخر دورها - آملة ألا يكون لها دور - حتى سلم الرجل أمره للمقدور، تقدم هزاع وحده إذاً إلى مقهى فرعون فسلم على الشيخ والجلوس بتحية الإسلام، وبادره الشيخ يسأله :

- أبمدفأة الحطب عطب ما؟

وأجابه هزاع يقول كأنما ينزه نفسه عن التبتر على نعمة لم يتوقع في أفضل أمانيه أن تهبط إليه :

- كلا، بل هي الدفء كله، والطمأنينة من الزمهرير، وهي نقطة في بحر  أَنْعُمك المحمودة،.. ولكن..

وقاطعه فوزي يقول كأنما لم يترك له فرصة الاستدراك :

- إنها الأرائك الصناعية إذاً، (ثم وهو يتحدث إلى الجلوس في رغبة بإثبات سدادة الرأي واستباق الأمور..) ألم أقل لكم بأن بدوياً (يريد هزاع) قضى حياته على المجالس الأرضية لن يحفل بها؟

وشرع الجلوس يباركون حدسه النافذ ويثنون على سلامة استشرافه، وزينت المباسم بعض الوجوه صدقاً وتكلفاً، وهناك اضطر هزاع إلى مقاطعتهم واشياً بما لديه بعد أن وهب ابنته صالحة المبتعدة نظرة حملته على مزيد من التجسر والمباشرة :

- لقد أوقف ثلاثة من الأراذل خطبة الجمعة والصلاة في مسجد رياض الجنة..

أجاب فوزي جواباً حمل الجميع على العجب، يقول :

- بارك الله فيهم ولهم، ما من شيء هو شر من الدين المغشوش، والكفر البواح سهل المواجهة وإقامة الحجة عليه، وأما المبتدعون والمنافقون فأشبه إلى سرطان يأنس له الجسم المسلم حتى يكاد - لطبيعته الحربائية المتسللة - يقضي عليه، ولكن الله يأبى إلا أن يتم نوره ويقيض لدينه من يردونهم خاسرين بمقامع الحجج الناصعة..

ومكث هزاع واقفاً في صمته مدة هي أطول من اللازم كأنما أربكه الجواب كل الإرباك، فسأله فوزي الذي حدس بما في نفسه :

- عذراً،.. ولماذا جئت إذاً؟

- نريدك ومن معك أن تخلص المسجد من الأيادي التي أساءت إلى قدسيته..

وأعرض فوزي عنه يقول في انفعال واضح :

- ما هو بمسجدي كي أخلصه..

- المساجد كلها بيوت لله، والإساءة لواحدها إساءة لمقامه الجليل في كل نحو.

وانزعج الشيخ فوزي من هذا الحديث كأنما تذكر الحقيقة التي جردته مما كان يعتقد بحوزته، فعبس وتولى، وهناك أشار فوزي إلى صالحة أن آت، وتقدمت الفتاة - كأنما تعبر سبيلاً من الشوك أمام أعين الرجال -  وقد هفا قلب فوزي برؤيتها ورجع سمعه والهاً وارتد طرفه ذهلاً، قالت:

- إن زوجي رؤوف ها هناك، وأخشى..

ولم يترك لها فوزي فرصة الحديث فقاطعها يقول :

- لقد قبلت شريطة أمر واحد..

وسألته في عجب - كان بالمقدور الإحساس بارتسام أماراته على محياها ولو من تحت خمارها الساتر - عن ماهية الشرط فأجاب يقول :

- أن يكف صاحبك (أي رؤوف) عما يقدم عليه من البدع والمغالطات الصوفيتين، ثم أن يوكل بالإمامة إلى من هو أهل لها، فإذا هو أصر على التصدي لها فليتعلم..

ورضخت المرأة تحت ضغط القلق على زوجها تقول :

- سأفاتحه (أي زوجها) في هذين، ولعلي أصيب نجاعة..

وأجابها يقول :

- يجب أن تفعلي، إنك امرأة مسلمة محتشمة..

ومضى الشيخ فوزي في شوارع العامرية مؤزراً بأشياعه مسربل بعز وزهو، وقد تناسى أهل الحي ما بدر منه يوماً من إشعال الفتنة متخذاً سبيل الأنشطة الخدمية والخطابات الوعظية التي تمعن في تصوير هوان أمر المسلمين في عصور الحداثة على نحو يستدر العاطفة بحق وفي شعور صادق يفتقر إلى الإلمام بالمسببات - أقول أتخذ كل أولئك جسراً إلى الاعتذار مما مضى، كانت صالحة ترمي بالحجر الذي تسترشد به جماعة الرجال أسوة بالمرأتين - صَفُّورا، ولَيّا - اللتين سقى لهما النبي موسى (أصر الشيخ فوزي على التأسي بالقصة فكان صاحب اقتراح الحجارة التي يُستدل بها رغم أن هزاع كان على علم بالطريق!)، وبلغ الموكب القوي غايته فنصح فوزي لهزاع وصالحة بانتظاره لدى ناصية السبيل اتقاءً للعواقب وابتغاءً لسلامتهما، كان المصلون الرابضون على الحصير خارج المسجد قد تركوا مواقعهم، وأما الباب المزخرف فموصد، ودفعته جماعة الشيخ حتى انفتح بعد مقاومة بسيطة - كعارض بسيط من خشب في سبيل يجرفه ماء البحر ساعة فيضان - وتبين أن اثنين من أخوة تهاني قد انطرحا أرضاً وقد كانا يحجزان الباب ويهددان من بالداخل بسلاحهما الأبيض، فيما بقى هذا الثالث غير مدرك لما يحدث وراءه، ومضى الشيخ فوزي يخترق أولئك المصلين الجلوس المحتجزين، يتطلع إلى أحجار البلاط الرخامي اللائي يطأها بنعله، ويرنو إلى البسط الصوفية اللاتي يخطو عليها، ثم يهز رأسه متندراً من كثرة المصلين فيه بما لا يليق مع البدع المستباحة فيه (برأيه)، ومن رؤية الطبل والمدروف، فلما وصل منتهى مسيره لدى ثرية النحاس ألفى رؤوفاً - وكان أدهم يحتمي به ويقف وراءه - يقول في شيء من الجبن والفزع لثالث الأخوة الذي يشهر في وجهه السلاح الأبيض فيكاد يجهز عليه :

- هذا صندوق الخشب الذي تريده ! وإنه لفارغ.

وعجب الشيخ فوزي لما أبداه رؤوف من الجبن وضعف الشكيمة، وحار في تفسير أسباب تفضيل صالحة له وإيثارها عليه حيرة باطنية صامتة، ووجده خلواً من المزايا فانطوى على وجوم وإجحاف، وطال استغراقه أكثر مما تقتضيه طبيعة الظرف العصيب حتى سمع من يقول من بين المصلين :

- ها قد حضرت الشرطة في معية صاحب المسجد وإمامه القديم، والحمد لله..

 وما لبث أن لاح يوسف ومراد فتوارى الشيخ منسحباً فجماعته، ومر الشيخ (فوزي) بالضباط وقد كان بعضهم - لشهرته في المدينة - يعرفه، ثم بصالحة التي طفقت تسأله وقد كانت لم تزايل موقعها عند ناصية السبيل :

- أرؤوف بخير؟

ولكن الشيخ مضى عنها غير مجيب.

 

  اضغط على رابط الصفحة الرئيسة لمزيد من الموضوعات : روايات

1989م..

اقترن تراجع عفاف عن تدبير شؤون البيت - بعد انسحابها عن الحياة بالعموم - ببزوغ دور سميحة (فتاة الملجأ)، لم تكف عارضة الأزياء القديمة (عفاف) عن تلاوة القرآن والتأمل وقرأت عن تجارب العائدين من الموت في شغف :"يرون أنفسهم على أَسِرَّة المرض والإنعاش رغم توقف نشاطهم الدماغي!"، ولكنها حين حاولت النهوض بالمهام البيتية المعتادة أصابها حصان تشارلي (Charley Horse)، وأحست - لسببه - انقباضاً مفاجئاً في منطقة الساقين ترافق مع شعورها بألم حاد، وصحيح أن الأمر لم يدم سوى ثوانٍ قلائل لكن زوجها يوسف نصح لها ذلك اليوم بالاسترخاء التام، وقدم إليها الفطور الذي احتوى على بيض بارد وخبز الشوفان المجروش الذي يعد دون دقيق، في حجرتها ذات الجدران المزينة بصور كاميرا ألكسندرا حيث تظهر المرأة بين الأطفال والأيتام باسمة، وأعزى يوسف سبب التشنج إلى عرض من أعراض الأدوية المعالجة لمرضها العضال الذي بدأ الرجل يتقبل متأخراً حقيقة وجوده،.. أحسن يوسف رعاية سميحة فكان يجد - بعد انطفاء شغفه بالفلك - في حديثه إليها سلواه وعزاءه، وكانت الفتاة الصغيرة كثيرة الامتنان لعطفه، وقد وجد بها الرجل بدوره وعاءً لتفريغ جعبته الثرية من الحكايا الشيقة لما كانت - بطبائعها الهادئة - مصغية منصتة، نادرة المقاطعة، نزاعة إلى التصديق، حتى خيل إليه أنه إن كرر القصة عينها التي حدث ورواها لها بالأمس فبدلها تبديلاً وجد منها مسايرة وقبولاً.. لقد رفعها عن مستوى الخادمات وقد صارت واقعاً ربة المنزل الجديدة، وبدت الفتاة حقيقة أخرى حرة خجولة التطلع مع ذاك،.. وكانت تنظف عدسة تلسكوبه (يوسف) وسألته :

- ولماذا هجرته  (أي الفلك)؟

- رأيت مذنباً يبغي الإطباق على البسيطة في كابوس ثقيل الوطأة، وقد خلف في نفسي انقباضاً لا ينجلي، حملني المنام على التوقف عن التحديق إلى السماء، بعض المنامات انعكاسات للاوعي الإنسان وحوائجه، ولا ريب أن بواطني غير قريرة أو هانئة،.. (ثم كأنما يستعيد نادرة فيبتسم..) وقد أحببت - فيما مضى - رؤية نجوم الدب الأكبر وهي تقف للجبار  بالمرصاد !

وصمت ثم عاد يقول :

- نفسيتي تتحسن حين أروي قصة..

- فلتروٍ واحدة إذاً.

واعتدل الرجل ملياً في جلسته كأنما ليتأهب لاستعادة واحدة من نوادر القصص التي وقع عليها، قال :

- كان الخواجة ياني نادلاً يونانياً في الإسكندرية إبان العهد الملكي، كان رواد الكازينو ينادونه حين يطلبون شيئاً : كوكاكولا ياني، قهوة ياني.. فيأتيهم، مكرهاً أو عن طيب نفس، حتى إذا انتصف الليل جلس على كرسيه وقد أنهكه السعي في الكازينو الكبير..

وتوقفت سميحة ملياً عن متابعة التنظيف لانشغالها بما سمعت، ولعلها وجدت تشابهاً بين قصته وقصتها، ومسح يوسف أنفه - وكان قد يشحذ طاقته فيوجهها إلى السرد على نحو شغله عن هذه الحكة - يقول:

- كان من بين رواد الكازينو من هو عليم بالرياضيات، أو هكذا هو بدا، سأله النادل اليوناني : بحق وجهك البشوش،.. كم كيلو متر أسيره في كل يوم كيما ألبي نداءات الطالبين بالكازينو؟ أجابه الآخر : لعله خمسين،.. أشفق الخواجة ومنذ يومذاك على ذاته ملياً، لقد شاخت قدرته ولم يعد يقوى على الخدمة، وكان شغوفاً باليانصيب، ولا لوم عليه فكلنا كنا يوماً مثله، وفي ليلة ابتسمت فيها سعوده ابتاع ورقة بقرش صاغ وفاز بمئتي جينه..

هناك باتت سميحة في شغف حقيقي حتى تمنت أن تنتهي القصة عند ذاك الحد، قال يوسف كأنه يطرق بمطرقة على مسمار فيقطم قاعدته وإن أدخل سنه :

- سأل الخواجة زبونه الخبير بالحساب : "إن لي أعواماً ستين، وقد فزت بمئتي جنيه، وبفرض أنني سأموت بعد خمس سنين، وإذا أنا أردت ترك عملي المنهك في الكازينو،.. كم من النقود ينبغي لي أن أصرفها  يومياً دون أن أساق إلى شفير الإفلاس، ولو حدا بي الأمر إلى التزام منهاج متقشف للحياة؟"، أجابه صاحبه بالجواب الخاطئ، انتهت المئتا جنيه قبل وفاة ياني،.. رأيته في شيخوخته يطوف على الجلوس وهو الممسك بطبق نحاسي يجمع فيه النقود يردد :"ياني أخطأ في الحساب..".

هناك مسح يوسف أنفه المحمر ملياً، فلما انتهى أو كاد عاد يعطس على نحو أضاع جهده الأول، كان شعوره محايداً على نحو مريب - أو حتى هو سيكوباثي قياساً إلى طبيعته الودودة - وقد بدا من تصرفه أن رواة القصص وفي أحيان كثر يكونون أقل مستقبليها تأثراً، وكأن مشاركتهم في صناعتها - بالحذف والإضافة - تضع بينهم وبين ما يسردونه مسافة هي أكبر من مسافة التلقي وحده،.. كانت سميحة متأثرة أكثر مما يجب بقصة الخواجة اليوناني ذي الخاتمة المأساوية حتى أنها كانت لا تقوى على اتصال العينين (Eye contact)، وتصنعت رغبة في مواصلة التنظيف والعمل تُخْفِي بها دمعة، قال دون أن تنطلي عليه حيلتها في إخفاء حقيقة شعورها :

- لم أشأ أن أزعجك، حسبتها قصة طريفة..

وقالت كأنما تقفز من كدر إلى كدر :

- لازلت أذكر حديثك الملهم أمام طلاب الملجأ، لم أنسِ لكَ هذه المأثرة، وضميري يدعوني إلى أن أفصح لكَ عن حقيقة ما يدور هناك (بالملجأ)،.. فهلا أذنت لي؟

ولم تند عن الرجل أيما بادرة بالقبول، كان مأخوذاً شارداً، ولكن الفتاة واصلت تقول :

- إن بعض الأطفال هناك طاوون يتضورون جوعاً، وما يلقن هناك جهارة وفي الخفاء هو الأخلاق تحت وطأة الخوف، أو الرغبة في الحوزة، إنها أخلاق العبيد والتجار،.. سقط صديق لنا من سطح الدار وقد كسرت ساقه ولم يعالج، إلهي ! ولو كان جرواً في بيت منعم قد أصيب بما أصيب به لوجد رعاية هي أفضل مما لاقاه، القسوة المفرطة - كالتدليل الزائد - مما يفسد التربية ولا شفيع لها من وجه، ومن بث في رعيته روح الخوف قضى على ومضة الضمير فيهم،.. إن ما يُحفر بالألم يرهب الوجدان إلى الأبد وإن قوّم السلوك ساعة، والباب الذي يصلحه الخوف يفسد إزاءه ألف باب، والهوان أقرب السبل إلى النقمة الوجودية، إن ثمة فارقاً بين التربية وبين الترويض من الإجرام جبره، والإنسان يُربى ولا يُروض..

بكت سميحة - التي كان حديثها أشبه إلى نصال تعرف مقاصدها - ملياً، كان وجودها في البيت المرفه نعمة من ذاق الشهد بعد أن خبر الجحيم، وقد أدركتها وحرصت على ألا تهدرها فزادت بحالتها عطفاً على الذات، أشفق الرجل ملياً على ما سمع وزاد أسفه لما كان الأمر- بفصوله الجائرة - حاصلاً في مؤسسة مملوكة له ولزوجه، ومسح على رأسها في حس أبوي عميق الشعور واحتضنها بعد أن وعدها بمراجعة ما يدور في ملجئه، فلما استدار إلى هذا الباب ألفى عفاف واقفة وهي ترنو إليه وإلى سميحة، وقد ارتعب من نظرتها نحوه.. 

 اقرأ أيضاً : 

الفصل الأول:   رأيت الطمع في عينيه

الفصل الثاني:  عسى أن يكون صدري منشرحاً

الفصل الثالث : صورة المُخلِّص

الفصل الرابع : إلى أين المسير؟

الفصل الخامس : الخواطر المستغرقة

الفصل السادس: نظرة أخيرة

 الفصل السابع: أسطورة شجرة النبق 

 الفصل الثامن: عودة فتاة فيلا لوران

الفصل التاسع: ألكسندرا في غابة بولونيا

الفصل العاشر: مصرع زهران بسبب مراهنات الكرة !

الفصل الحادي عشر: بكر يتحدى سلطة رجال القرية

الفصل الثاني عشر: حوار في مطعم جيوفاني

الفصل الثالث عشر: سلكت سبيل الحب ! 

الفصل الرابع عشر: حفل عرس في حمام شهريار

الفصل الخامس عشر: خطبة مارتن في سكة حديد بالتيمور

الفصل السادس عشر: لقد صفحتُ عنكِ

الفصل السابع عشر: إفناء العمر في الشقاء

الفصل الثامن عشر: كأنك تحكمين عليَّ بالهلاك

الفصل التاسع عشر : انطفاء شمعة لا يعود لهبها


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق