روايات وقصص، استمتع بأفضل روايات الرومانسية وروايات الرعب وروايات التاريخ في موقع واحد.

روايات وقصص، استمتع بأفضل روايات الرومانسية والرعب والتاريخ والخيال العلمي والبوليسية في موقع واحد،

عشرات القصص المثيرة والحكايات في انتظارك.

2024/11/24

مصرع زهران بسبب مراهنات الكرة

                الفصل العاشر: مصرع زهران بسبب مراهنات الكرة !


1986م..

كان زهران قد نكص إلى سابق عهده بالمقامرة والرهان على نتائج الفرق الرياضية، وشغفته فعاليات كأس العالم المقامة هاذيك العام في المكسيك حتى أنسته التزاماً كان قد قطعه لابنته ابتهال بنبذ العادة التي تهدر بسببها أمواله، وتغافل عما آله على نفسه من الإمساك عن المثلبة التي تتهدد لأجلها حياته، وكان يبرر لنفسه بالقول إن ابنته ما كانت أن تحمل عليه إصراً يعجز عن الوفاء به،.. وحسبه أنه تحول عن الزمالك إلى الاتحاد، ثم هو يبرر الأمر من وجهة دينية بقوله :"إن الله وصف الخمر والمَيْسِر بأن لهما منافع للناس.."، وكان من جملة غرائب تصرفه تيمنه بالأولياء والأضرحة في المدينة كالزعفراني ويعقوب القاري والإمام البوصيرى وأبي الدرداء الخزرجى وسيدى بشر ومحمد شاهر روحه، والإفراط في إكبارهم إلى حد أن يهب خُدّامها شيئاً من المال فيقول لواحدهم عن قصد إعانته على توخي الطرف الفائز في المراهنة :

- فلتتوسط باسم الولي لدى مقادير السماء في سبيل أن تنصنفي في ميدان المقامرة القلق، وأن تلهمني اجتباء الطرف المنتصر !

وكان خدَّام الأضرحة يستغلون ظنه الخرافي في قدرتهم عبر الوساطة على تغيير القدر شر الاستغلال فيزيدون في طلبهم منه، وكان المال عزيزاً في وعيه ولكنه تجاه " مُلاَّك الغيب" أضعف مقاومة، وطفق الرجل (زهران) يقول في حماسة عارمة لرواد إحدى المقاهي المخصصة بالمقامرة بمنطقة سبورتنج :

- كأس العالم عرس عالمي، وسيعيد مارادونا إلى الأرجنتين كرامتها التي خسرتها في حرب الفوكلاند.

كان المقهى الواقع في باب شرق مشتملاً على قشاط خاصة باللعب، وطاولة خشبية، وقليل من الكراسي، وقد بدا بتكوينه الصغير وعناصره المحدودة دون مقاهي المدينة الكبيرة بالمنشية ونحوها وكأنه - في جوهره - صالة للقمار متسربلة في ثوب مقهى شعبي، وقد بدا أن المكان - وربما لأجل ما سبق - يفتقد للروح الشعبية التقليدية،.. جمع زهران إذاً للرهان على المباراة المرتقبة بالدور قبل النهائي بين الأرجنتين وبين إنجلترا - بعد الحماسة والاهتمام - كل ما معه من النقود، وكان يمني نفسه أن يواصل لاعبه المفضل مارادونا أداءه المبهر في البطولة الدولية كيما يحوز حصاد المراهنة التي ستمكنه من ملامسة أفق الثراء، وحتى لقد تخير مطعم طربوش الجديد للأطعمة الشرقية كيما يقضي به ليلة احتفالية بمناله القريب، وتمنى - بعد ذاك - أن يقتني خيلاً يشارك به في سباقات كالتي كانت تعقد قبل عقود في المنطقة التي هو فيها (سبورتنج) على كثب من خط الترام والعقارات ذات الأبهة، أجل لقد تمنى الرجل هذا كله وأكثر، وذهب به حسن ظنه بالأمور كل مذهب محمود، ومضى طالعه على خير منوال فجعل يهتف بالهدف الثاني الذي تجاوز فيه مارادونا سبعة لاعبين :

- ما هو بالهدف ! إنه معجزة، إنه سحر..

ومكث الرجل يرقص أمام المقامرين رقص السرور والبهجة فتهتز بطنه المنداحة، وانتهت المباراة فمد يديه على طاولة خشبية منتظراً المقابل السخي لحسن توقعه، وفي بسمة بها من اللزوجة مثل ما فيها من الظفر، حتى بادره من المقامرين - الذين كانوا يتحلقون الطاولة على كراسي بلاستيكية - واحد بالقول :

- معذرة، لقد أحرز صاحبك هدفه الأول باليد !

وعاجله ثانٍ وكان ضخم المنكبين عريضهما :

- لولا الهدف الأول ما فازت الأرجنتين، وما أمكن لصاحبك (أي مارادونا) أن يجتاز لاعبين دوليين ومحترفين كأنهم صبية هواة في عطفة أو زقاق..

وقال الثالث وقد ألفى في حديث صاحبيه مخرجاً له من مأزق ثقيل الوطأة :

- لن ندفع مليماً واحداً لفريق فاز بالاحتيال..

وقال زهران :

- هذا تمحل الحمقى، إنها يد الإله ! ثم هي بركة تيمني بالأولياء والصالحين! وأخطاء الحكام جزء من اللعبة، والعقد شريعة المتعاقدين..

وسأله الأول :

- أي عقد؟ إننا محض مقامرين..

وانفعل زهران يقول :

- كان بيننا اتفاق شفهي وهو أوثق من العقد المكتوب في عُرف النزهاء.

وأجابه الثاني في استهتار اغتاظ منه زهران ملياً :

- لسنا نزهاء إذاً يا ذا الوجه الشائه..

وأزعجه أن يذكر الأخير وجهه ذا الحروق، ولم يجد (زهران) بداً من أن يشتبك وحده مع الجماعة التي تملصت من عهدها بالسداد، واختلقت المعاذير التي هانت معها كلمتها في الوفاء، أصاب الرجل منهم قليلاً وأصابوا منه كثيراً، ووقع أن ضُرب الرجل بحد الطاولة الخشبية ضربة أصابت رأسه في موقع ذي حساسية فخر من فوره على هاته الأرض ينزف الدم فيما هرب المقامرون عنه بسوء تصرفهم، ورأى خيالات لنجليه ابتهال وداوود تمازجت مع أحلام سباقات الخيل وجلسات مطعم طربوش في رؤية غائمة، تستبق الخاتمة. 

 

  اضغط على رابط الصفحة الرئيسة لمزيد من الموضوعات : روايات

في الكويت..

مرت على عبد العزيز أيام شديدة الوطأة بعد فشل زواجه بآسيل، وحملته الخيبة على إهمال في مظهره أزاده وزناً، وقد زاد من أسفه ما وقع من زواج صديقه النحيل فريد بجميلة - صديقة آسيل - وعودتهما - أي فريد وجميلة - إلى الحياة في الإسكندرية بمينا البصل، وقال عبد العزيز لفؤاد في حسد أربد وجهه :

- لقد قبلت أسرة جميلة بما رفضه أكرم من الحياة في منطقة شعبية !

وأجابه فؤاد يقول :

- إنه (أي أكرم) ضابط كبير بالبحرية الكويتية ولا ريب أن طموحه يتلائم مع وظيفته.

وانزعج عبد العزيز يقول :

- هل يصح أن يكون طموحه أكبر من رغبة أخته؟ إن حداً ثابتاً من الالتزام الودود لا ينبغي للمرء أن يهبط عنه في تعامله مع الأنماط البشرية المختلفة كما يصل الماء إلى عين المستوى في الأواني المستطرقة، أجل، لقد عاملنا الرجل في غير احترام، وأعاد لنا هديتنا (الشيكولاتة) فأكلتها وقد كانت هذه بداية طريق إبليس نحو مزيد من البدانة بالنسبة إليَّ..

كان التلفاز يبث بثاً يقول فيه المذيع :

- "وعلى هذا النحو، أُعيد افتتاح المصفاة في ميناء الأحمدي بعد إقامة مشروعين بها تضمنا إنشاء تسع وعشرين وحدة جديدة في المصفاة مما جعلها واحدة من أحدث وأضخم مصافي التكرير في الكويت والعالم من حيث طاقتها التكريرية التي تبلغ 466 ألف برميل يومياً، و..".

وحدث أن أفسد الوش البث فاضطر فؤاد - على كراهة منه - أن يبدل القناة، وهناك ألفى بثاً آخر يقول :

- "ويعد الرئيس صدام حسين حارساً للبوابة الشرقية..".

وفسد البث الآخر فنهض فؤاد عن قصد أن يصلح التفاز بعد أن أبدى انفعالة تأفف، والتفت إلى صاحبه المكلوم (عبد العزيز) يقول بينما يضع يديه في أسلاك ما وراء الجهاز الذي عطب إرساله :

- الحياة تستمر، إنها قاعدة ذهبية وتعمل دائماً.

وأجابه عبد العزيز يقول :

- سيتقدم إلى آسيل عرسان كثر قبل أن يزهو طالعي، أجل، تماماً كهذا البلد، إنه (أي الكويت) ثري جداً على نحو يصيره مطمعاً لأصحاب الأجندات.

وغاب رأس فؤاد ملياً وراء الجهاز، يسأله :

- وما العمل إذاً؟

- سأعود إلى الإسكندرية مجللاً بالأسف.

وترك فؤاد الجهاز فانكشف وجهه - وإن بقت يديه - يقول :

- شر قرار تقدم عليه،.. هل ستعود إلى عشش غيط العنب أم إكراماً للعشوائيات التي فيها؟

وعاد البث فملأت صورة الرئيس العراقي الصورة، فجعل فؤاد يقول في هزو من نفسه :

- لقد عاد حين تركت يدي التي كان تعيث في الأسلاك فساداً.

وأجابه عبد العزيز الذي كان - لإسرافه في تناول المكسرات - قد اشترى كسارة للوز :

- الخير أنه قد عاد..

وبدا عبد العزيز في شك من قوله الأخير حين سماعه لمضمون البث :

- "ونفيد سيادتكم بأن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قد قدم إعلاناً، مشيراً إلى أن أعضاء يشعرون بالقلق العميق من قبل استنتاج بالإجماع من المتخصصين أن الأسلحة الكيميائية اُستخدمت من قبل القوات العراقية ضد القوات الإيرانية في مناسبات عديدة..".

وكان فؤاد قد تقدم نحو صاحبه فقبض على كسارة اللوز، وقال :

- كف عن النهم، تسعون بالمائة ممن يعانون من السكري من النوع الثاني مصابون بالسمنة..

وذكر فؤاد شيئاً في قدح المرض (أي السكري) الذي قتل جده بهاء الدين، وعطف على القدح المعنوي في الداء الناتج عن عوز هرمون الأنسولين شيئاً مسروداً من سيرة الجد الذي سمع عنه أكثر مما عايشه، وقال عبد العزيز :

- لقد خسروا (أي العرب) كثيراً حين أخرجوا مصراً من المعادلة العربية..

وحدق فؤاد إلى صورة الرئيس العراقي فألفاه نسخة مصغرة - من جهة الشكل - من الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين، وحمله الأمر على رهبة حقيقية، لقد كان (صدام حسين) - إلى ذاك - في تصرفه المتحفظ وهالته التي يصطنع بها الإمساك الهادئ بأطراف الأمور أشبه إلى آل باتشينو في فيلم العرَّاب (The Godfather)، وقد خيل إلى فؤاد هذا التشابه بوضوح خفف من رهبته الأولى بإحالتها إلى نمط سينمائي غير حقيقي، وتذكر (فؤاد) مؤتمر بغداد - بزعامة الرئيس العراقي - الذي جمدت فيه العلاقات العربية المصرية قبل بضع سنوات في طيف خاطف تراءى له في غمرة استغراق، وغاب الوجه الصارم ذو الشنب الكث والبسمة المريبة فعاد فؤاد إلى نفسه في محيط الدمى كأنما يلتمس فيه الهدوء، وأجاب صاحبه يقول :

- ستعود مصر إلى الكيان العربي أقرب مما تخيل لما كانت دولة بلا أجندة خاصة في محيطها، هذه المرة دون أن تدفع أكلاف حروب ما أنزل الله بها من سلطان، وسيعمل صدام نفسه في هذا المضمار (أي مضمار إعادة العلاقات العربية المصرية) بعد تزعمه للمقاطعة حين تضيق عليه دائرة حربه البائسة مع إيران (يريد حرب الخليج الأولى) اليوم، أو غداً !

وبدا أن جوابه الأخير قد تخلف زمنياً عن التعليق الأول، وكان عبد العزيز - في خلال هذا الاستغراق القصير وبعد انتزاع كسارة اللوز عنه - قد جعل ينقع الثمار الصغيرة بأصدافها في وعاء مملوء بالماء، فتطلع إليه فؤاد في دهش وعجب، وبادره عبد العزيز إلى جواب ما بنفسه من سؤال يقول :

- عسى أن تكون (أي ثمار اللوز) أسهل مقاومة في اليوم التالي حين الضغط عليها بين راحتي يدي !

ونظر فؤاد إلى الراحتين الممتلئتين وكانتا على ضخامتهما ضعيفتي الإحكام، وتفسير الأمر - كما عنَّ لفؤاد - أن طبقات الدهون تحول دون تأثير العظام الأشد صلابة فتضعف الضغط في المحصلة، وأعاد إليه كسارة اللوز - كأنما أشفق على حالته - يقول وهو يفتح هاته النافذة الموصدة :

- عزيزي، لن يصلح اللوز حالتك، كلا، الطعام دوبامين عقلي زهيد الثمن زائف الأثر، لقد صرت أشبه إلى round bird (طائر لطيف له صورة دائرية بالكامل)، والطيور الدائرية لا تستطيع أن تحلق.. تحتاج إلى إلهام حقيقي يستند إلى معنى غير مادي، وغير قصير المدى، تلتقط منه نسيم الأمل، وتدفع منه أبخرة الخوف من المجهول ! ما أتفه أن تختزل الحياة في تجربة عاطفية !

هناك دلفت من النافذة المفتوحة جرادة فاختبأ عبد العزيز وراء هذا المكتب، يقول :

- عزيزتي الحشرة، سأهبك مرادك من الثمار والأزهار لقاء الانصراف عن هنا، أجل،.. سأهبك وجبتك اليومية، هاته التي تعادل وزنك منهما، ولتتركي الحانوت بسلام !

هذا فيما جعل فؤاد يهش الحشرة المتسللة بكسارة البندق فيحث صاحبه المختبئ على التجسر واقتباس الإلهام ! 

 اقرأ أيضاً : 

الفصل الأول:   رأيت الطمع في عينيه

الفصل الثاني:  عسى أن يكون صدري منشرحاً

الفصل الثالث : صورة المُخلِّص

الفصل الرابع : إلى أين المسير؟

الفصل الخامس : الخواطر المستغرقة

الفصل السادس: نظرة أخيرة

 الفصل السابع: أسطورة شجرة النبق 

 الفصل الثامن: عودة فتاة فيلا لوران

الفصل التاسع: ألكسندرا في غابة بولونيا

الفصل الحادي عشر: بكر يتحدى سلطة رجال القرية

الفصل الثاني عشر: حوار في مطعم جيوفاني

الفصل الثالث عشر: سلكت سبيل الحب ! 

الفصل الرابع عشر: حفل عرس في حمام شهريار

الفصل الخامس عشر: خطبة مارتن في سكة حديد بالتيمور

الفصل السادس عشر: لقد صفحتُ عنكِ

الفصل السابع عشر: إفناء العمر في الشقاء

الفصل الثامن عشر: كأنك تحكمين عليَّ بالهلاك

الفصل التاسع عشر : انطفاء شمعة لا يعود لهبها

الفصل العشرون : نفسيتي تتحسن حين أروي قصة




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق